بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على سيد الأنبياء والمرسلين

رسائل في زمن الكورونا

الرسالة الخامسة

لا تخف…رسالة القرآن إلينا

ماذا يجني الإنسان لو نال منه الخوف والقلق على أمر مقدُور لا مفرّ منه غير ضعف قواه، وتعطل ملكاته، واستبداد التوتر النفسي منه؟ والشجاعةُ أنْ يواجه الإنسان الشدائد بروحٍ تغالبها، ونفسٍ تقاومها، وعقلٍ يحسن التدبير للخلاص منها، وقلبٍ مطمئن لما قدَّره الله له.

إنَّ الخوف أعظم أثراً من المحذور نفسه، ذلك لأنه يسلب من الانسان القدرة والإرادة، ذلك لأنه في ذلك الوقت يعيش المرض والخطر والفقر قبل مداهمته، والهلع قبل وقوع سببه، لذلك فإن رسالة القرآن لنا دوما: “لا تخف…”.

وتأمل قوله تعالى لأم موسى : “وَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ أُمِّ مُوسَىٰ أَنْ أَرْضِعِيهِ، فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي، إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ ” القصص – 7.

نعم، الخوف أمرٌ فطري غريزي، وهناك مقدارٌ لازمٌ منه لجلب المنافع ودرء المفاسد، بيْد أن ما لا يدخل في قدرتنا دَفْعُه فعلينا أن نلقي بقلوبنا بين يدي الله جلَّ في علاه، فعنده الأمن والأمان وزوال المخاوف كلها.

وقد ورد نفس الخطاب في السورة لموسى عليه السلام: “قَالَ لَا تَخَفْ، نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ” القصص -25

وبينما العالم الآن في مواجهة فيروس كورونا باتباع الأسباب الأرضية فنحن بحاجة، إلى جانب ذلك، إلى أن نلقي بزمام أمورنا لخالقنا العظيم مستسلمين لقَدَره، موقنين بأن الآجال والأرزاق بيد الله تعالى.

مع إشراقة شمس كل يوم يتجدد الأمل ويتبدد الألم، وعلينا أن نواجه يومنا وغدنا بروح ممتلئة بالتفاؤل، ولنصنع الآمال بإشاعة هذه الروح، ووصل القلوب بالله العظيم القادر على كشف البلاء وتفريج الكُربات، وهو بنا أرحم من أمهاتنا.

” ربنا مسَّنا الضرّ وأنت أرحم الراحمين “

مجلس مسلمي أوروبا